السوق العقاري في العراق: ارتفاع الأسعار

بين الطلب المتزايد والعرض المحدود

يشهد السوق العقاري في العراق واحدة من أكثر الفترات تحديًا في تاريخه الحديث، حيث تتقاطع عوامل الطلب السكاني المتزايد مع نقص المعروض السكني وتضخم تكاليف البناء لتشكّل معًا مزيجًا يرفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

الطلب يتفوق على العرض

بحسب تقديرات حديثة، يعاني العراق من عجز سكني يتجاوز ثلاثة ملايين وحدة، في وقت يشكّل فيه من هم دون سن الخامسة والعشرين أكثر من 57% من السكان ، ما يعني أن الطلب على السكن لن يتراجع قريبًا، بل سيستمر في النمو مع دخول فئات جديدة إلى سوق الشراء والإيجاربة. المصدر

هذا الواقع يجعل السوق في حالة ضغط دائم على المعروض المحدود، خاصة في المدن الكبرى مثل بغداد وأربيل والبصرة، حيث يتركز النشاط الاقتصادي والفرص الوظيفية.

 تباين الأسعار بين الأحياء

تشير البيانات إلى تفاوت كبير في أسعار المتر المربع بين الأحياء الراقية والشعبية.

ففي بغداد، تتراوح الأسعار في المناطق الراقية مثل المنصور واليرموك والجادريّة بين 3,000 و7,000 دولار للمتر الواحد، بينما تنخفض في المناطق الشعبية إلى حدود 1–2 مليون دينار عراقي فقط. المصدر

هذا التباين يعكس ليس فقط الفجوة في البنية التحتية والخدمات، بل أيضًا الفجوة في القدرة الشرائية بين فئات المجتمع.

 التكاليف والتضخم والمضاربة

لم تقتصر الأسباب على الطلب المرتفع فقط، بل ساهمت زيادة تكاليف مواد البناء، وارتفاع أسعار الأراضي، والمضاربة العقارية في تضخيم الأسعار.

أصبح شراء قطعة أرض أو بناء منزل جديد يتطلب رأس مال كبير لا يتناسب مع دخل المواطن المتوسط، مما دفع العديد إلى اللجوء إلى الإيجار أو السكن في أطراف المدن.

 التحوّل نحو المجمعات السكنية

في السنوات الأخيرة، ظهرت المجمعات السكنية المغلقة كخيار بديل يجمع بين الراحة والأمان، لكنها غالبًا موجهة للطبقة المقتدرة.

أما الفئات المتوسطة والمنخفضة الدخل، فما زالت تبحث عن حلول واقعية — مثل القروض الإسكانية والمشاريع الحكومية التي لا تزال محدودة الانتشار.

ما الذي يمكن فعله؟

لإعادة التوازن إلى السوق، هناك حاجة إلى:

  • تشجيع الاستثمار في الإسكان المتوسط والمنخفض الكلفة.

  • تسهيل إجراءات التمويل العقاري للمواطنين عبر المصارف الحكومية والخاصة.

  • تحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لبناء مجمعات جديدة بأسعار مناسبة.

  • ضبط المضاربة العقارية التي ترفع الأسعار بشكل غير مبرر

.

 الخلاصة

السوق العقاري في العراق يعكس واقعًا مزدوجًا: فرصة استثمارية ضخمة من جهة، وتحدٍ اجتماعي واقتصادي من جهة أخرى.

ومع استمرار الطلب وتراجع العرض، يظل التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذا النمو إلى تنمية عادلة ومستدامة تخدم مختلف فئات المجتمع.